روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 95

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 95 Jb12915568671



فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 95 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 95   فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 95 I_icon_minitimeالسبت يناير 11, 2014 11:54 am

إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ.
(95)
قَوْلُهُ تَعَالَى شأنُه: {إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} شُروعٌ في تَعدادِ عجائبِ صُنْعِهِ تَعالى، وقدرتِهِ ولَطيفِ صُنْعِهِ وحِكْمَتِهِ، وذِكْرِ ما تَعْجِزُ آلِهَتُهُمْ عَنْ أَدْنى شيءٍ مِنْهُ. إثْرَ تَقريرِ أَدِلَّةِ التَوحيدِ، وفي ذلكَ تنبيهٌ على أَنَّ المَقصودَ الأصليَّ مِنْ جميعِ المَباحِثِ العَقْلِيَّةِ والنَقْلِيَّةِ، وكلِّ المَطالِبِ الحِكْمِيَّةِ، إنَّما هُو مَعْرِفَةُ اللهِ ـ سبحانه وتعالى ـ بِذاتِهِ وصِفاتِهِ وأَفْعالِهِ. وَ"فالقُ" اسْمُ فاعلِ الْفَلْقِ وهو الشَّقُّ، أَيْ يَشُقُّ النَّوَاةَ والحبَة الْمَيِّتَةَ فَيُخْرِجُ مِنْهَما ورقاً أَخْضَرَ ونباتاً وشَجَراً صاعِداً في الهواءِ. ويخْرِجُ مِنَ الْوَرَقِ الْأَخْضَرِ نَوَاةً مَيِّتَةً وَحَبَّةً مَيْتَةً،
والنَّوى اسْمُ جِنْسٍ مُفْرَدُهُ نَواةٌ على حَدِّ قَمْحٍ وقَمْحَةٍ. والنَّوى: البُعْدُ أَيْضاً، ويُقالُ: نَوَتِ البُسْرةُ وأَنْوَتْ: اشْتَدَّتْ نواتُها، ولامُ "النُواةِ" ياءٌ لأنَّ عَيْنَها واوٌ، والأكثرُ التَغايُرُ. وَالنَّوَى جَمْعُ نَوَاةٍ، يُؤَنَّثُ ويُذَكَّرُ ويُجْمَعُ على أَنْواءَ ونُوى بِضَمِّ النُونِ وكَسْرِها. وَيَجْرِي فِي كُلِّ ما له كَالْمِشْمِشِ وَالْخَوْخِ، إذا قُيِّدَ فإذا أُطْلقَ كان خاصّاً بثمر النخيل "التَمْر"، كما قال بعضُهم. والحَبُّ هو الذي ليس فيهِ نُوى كالحِنْطةِ والشَعيرِ والأَرُزِّ والذُرَةِ وما أَشْبَهَ ذلك، ووَجْهُ الإعجابِ في خلق الحَبِّ والنَوى هو التَوجيهُ إلى أَنَّهما يَكون منهما كلُّ تلك الزروع التي تَغْلُظُ سوقُها وتقوى، والنخلُ الباسِقُات والدوحاتُ العِظامُ، والشجرُ المُثمِرُ ومن هذه النباتات والأشجارِ غِذاءُ الإنسانِ ودِفْؤُهُ وكِساؤهُ وكذلك الحيوانِ والطيرِ، وجميعِ الكائناتِ الحَيَّةِ. وهو كقولِه تعالى في سورة "يس": {وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} الآية: 33.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما أنَّ قولَه: "يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ" يَعني أَيْضاً أَنَّه ـ سُبحانَه ـ يُخْرِجُ الْبَشَرَ الْحَيَّ مِنَ النُّطْفَةِ الْمَيِّتَةِ، وَالنُّطْفَةَ الْمَيِّتَةَ مِنَ الْبَشَرِ الْحَيِّ، وكذلك الطيرُ مِنَ البيضةِ والبيضةَ الميتةَ من الطيرِ. وقالَ الحسنُ: المعنى أنَّه ـ تعالى ـ يُخْرِجُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ، وَيُخْرِجُ الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ. ولا شَكَّ أنَّ إخْراجَ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ أَشْهَرُ في القُدْرَةِ مِنْ عَكْسِهِ، وهو أيْضاً أَوَّلُ الحالينِ، والنَظَرُ أَوَّلُ ما يَبْدَأُ فيهِ، ثمَّ إنَّ القِسْمَ الآخَرَ ناشئٌ عنْه فكانَ الأَوَّلَ جَديراً بالتَصويرِ والتَأكيدِ في النَّفسِ، ولِذلكَ هو مُقَدَّمٌ أَبَداً على القِسْمِ الآخَرِ في الذِكْرِ حَسْبَ تَرَتُّبِهِما في الواقع.
إنَّها المعجزةُ التي لا يَدْري سِرَّها أَحَدٌ؛ فضْلاً على أنْ يَمْلكَ صُنْعَها أَحَدٌ! مُعجزةُ الحياةِ نَشْأَةً وحَرَكَةً، وفي كلِّ لحظةٍ تَنْفَلِقُ الحَبَّةُ الساكِنَةُ عَنْ نَبْتَةٍ نامِيَةً، وتَنْفلِقُ النَّواةُ الهامِدَةُ عنْ شَجَرَةٍ صاعدَةٍ. والحياةُ الكامنةُ في الحَبَّةِ والنَّواةِ، الناميةِ في النبتةِ والشجرةِ، سِرٌّ مَكْنونٌ، لا يَعلَمُ حقيقتَه ومصدَرَهُ إلاَّ اللهُ. وتَقِفُ البَشريَّةُ أَمامَ السِرِّ المُغَيَّبَ ـ بَعدَ كُلِّ ما رَأَتْ مِنْ ظَواهِرِ الحياةِ وأَشْكالِها وبعدَ كلِّ ما دَرَسَتْ مِنْ خَصائصِها وأَطْوارِها ـ كما وَقَفَ الإنسانُ الأوَّلُ، تُدرِكُ الوظيفةَ والمَظْهَرَ، وتَجْهَلُ المَصْدَرَ والجَوْهَرَ.
لقد أَخْرَجَ اللهُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ولم يَكُنْ هُناك حياةٌ، فأَخرجَ اللهُ الحياةَ مِنَ المَوات، وفي كلِّ لحظةٍ تَخرُج الذَرَّاتُ المَيْتَةُ عن طريقِ الأحياءِ مَوادَّ عُضْوِيَّةً حَيَّةً تَدخُلُ في كَيانِ الأَجْسامِ الحيَّةِ؛ تَتَحوَّلُ إلى خلايا حَيَّةٍ، وبالعكسِ ففي كلِّ لحظةٍ تتحوَّلُ خَلايا حَيَّةٌ إلى ذَرَّاتٍ مَيْتَةٍ، وَهَذَا مَعْنَى "يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ" ولا يَقْدِرُ أنْ يَصنَعَ ذلك إلاَّ اللهُ.
لقد عَجَزَتْ كلُّ مُحاولةٍ لِتَفسيرِ ظاهرةِ الحَياةِ، بدونِ الاعْتِرافِ بوُجودِ اللهِ، وأَقوالُ بعضِ العلماءِ الذين عَجَزوا عنْ تفسيرِ وُجُودِ الحياةِ إلاَّ
بالاعتِرافِ باللهِ الخالِقِ تُصَوِّرُ حقيقةَ مَوْقِفِ عِلْمِهم نفسَهُ مِنْ هذه القضية. فمِن كتابِ: (اللهُ يَتَجَلّى في عَصْرِ العِلْمِ) يقولُ (فرانك أللن، أُستاذُ الطبيعةِ الحَيَوِيَّةِ بجامِعَةِ مانيتوبا الكندية) في مقالٍ: نَشْأَةُ العالَمِ هَلْ هو مُصادَفَةٌ أوْ قَصْدٌ؟: (فإذا لم تَكُنِ الحياةُ قد نَشَأَتْ بِحِكْمَةٍ وتَصْميمٍ سابِقٍ، فلا بُدَّ أَنْ تَكونَ قدْ نَشَأَتْ عَنْ طريقِ المُصادَفَةِ، فما هي تلك المُصادَفَةُ إذاً حتّى نَتَدَبَّرَها ونَرى كيفَ تُخْلَقُ الحياة؟ إنَّ نظريَّاتِ المُصادَفَةِ والاحْتِمالِ لَها الآنَ مِنَ الأُسُسِ الرِياضِيَّةِ السَليمَةِ ما يَجْعَلُها تُطَبَّقُ على نِطاقٍ واسِعٍ، حيثما انْعدَمَ الحُكْمُ الصَحيحُ المُطْلَقُ. وتَضَعُ هذِهِ النَّظريَّاتُ أَمامَنا الحُكْمَ الأَقْرَبَ إلى الصوابِ ـ مَعَ تَقدير احتمال الخطأ في هذا الحكم ـ ولَقدْ تَقَدَّمَتْ دِراسةُ نَظريَّةِ المُصادَفَةِ والاحْتِمالِ مِنَ الوجْهَةِ الرياضيَّةِ تَقَدُّماً كَبيراً، حتّى أَصبَحْنا قادرينَ على التَنَبُّؤِ بِحُدوثِ بعضِ الظَواهِرِ، التي نَقولُ: إنَّها تَحْدُثُ بالمُصادَفَةِ، والتي لا نَسْتَطيعُ أنْ نُفَسِّرَ ظُهورَها بِطَريقَةٍ أُخْرى "مثل قذفِ الزَهرِ في لُعْبَةِ النَرْدِ". وقَدْ صِرْنا بِفَضْلِ تَقَدُّمِ هذِهِ الدِراساتِ قادرينَ على التَمييزِ بيْنَ ما يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ بِطَريقِ المُصادَفَةِ، وما يَسْتَحيلُ حُدوثُه بِهذِهِ الطَريقَةِ، وأنْ نَحْسبَ احْتِمالَ حُدوثِ ظاهِرَةٍ مِنَ الظَواهِرِ في مَدًى مَعَيَّنٍ مِنَ الزَمانِ. ولْنَنْظُرِ الآنَ إلى الدَوْرِ الذي تَسْتَطيعُ أنْ تَلْعَبَهُ المُصادَفَةُ في نَشْأَةِ الحَياةِ:
إنَّ البروتيناتِ مِنَ المُرَكَّباتِ الأَساسِيَّةِ في جَميعِ الخَلايا الحَيَّةِ. وهي تتكوَّنُ مِنْ خَمْسَةِ عَناصِرَ؛ هي: الكَربونُ، والأدروجينُ، والنيتروجينُ، والأُكسُجينُ، والكبريتُ. ويَبْلُغُ عددُ الذَرَّاتِ في الجُزَيْءِ الواحِدِ /000 ,40/ ذَرَّة. ولَمّا كان عددُ العَناصِرِ الكيماويَّة في الطبيعةِ /92/ عُنْصُراً، مُوَزَّعةٌ كلُّها تَوزيعاً عَشْوائيّاً، فإنَّ احْتِمالَ اجْتِماعِ هذِه العَناصِرِ الخَمْسَةِ، لِتَكُونَ جُزيئاً مِنْ جُزَيْئاتِ البروتين، يُمْكِنُ حِسابُه لِمَعْرِفَةِ كَمِيَّةِ المادَّةِ التي يَنْبَغي أَنْ تُخْلَطَ خَلْطاً مُسْتَمِرّاً لتُؤلِّفَ هذا الجُزَيْءَ؛ ثمَّ لِمَعْرِفَةِ طُولِ الفَتْرَةِ الزَمَنِيَّةِ اللاّزِمَةِ لِكَيْ يَحْدُثَ هذا الاجْتِماعُ بَيْنَ ذَرَّاتِ الجُزَيْءِ الواحِدِ.
وقدْ قامَ العالِمُ الرِياضِيُّ السُويْسِرِيُّ "تشارلزْ يوجين جاي" بحسابِ هذِه العَوامِلِ جَميعاً، فوَجَدَ أَنَّ الفُرْصَةَ لا تتهَيَّأُ عنْ طريقِ المُصادَفَةِ لِتَكوينِ جُزَيْءٍ بروتينيٍّ واحِدٍ، إلاَّ بِنِسْبَةِ 1 إلى 10، أيْ بِنِسْبَةِ 1 إلى رَقَمِ عَشَرَة مَضروباً في نَفْسِهِ /160/ مرّة. وهو رَقَمٌ لا يُمْكِنُ النُطْقُ بِهِ أَوِ التَعبيرُ عَنْه بكلماتٍ. ويَنْبَغي أَنْ تَكونَ كَمِيَّةُ المادَّةِ التي تَلْزَمُ لِحُدوثِ هذا التَفاعُلِ بالمُصادَفَةِ بِحيثُ يَنْتُجُ جُزَيْءٌ واحِدٌ أَكْثَرُ ممّا يَتَّسِعُ لَهُ كُلُّ هذا الكَوْنِ بمَلايين المَرَّاتِ. ويَتَطَلَّبُ تَكوينُ هذا الجُزَيْءِ على سَطْحِ الأَرْضِ وحدَها ـ عن طريقِ المُصادَفَةِ ـ بَلايينَ لا تُحصى مِنَ السَنَواتِ، قَدَّرَها العالِمُ السُوَيْسِرِيُّ بأنَّها عَشَرَةٌ مَضْروبَةٌ في نَفْسِها /243/ مرَّةً مِنَ السِنينَ.
إنَّ البروتينات تَتَكوَّنُ مِنْ سَلاسِلَ طَويلَةٍ مِنَ الأَحْماضِ الأَمينيَّةِ، فكيفَ تتألَّفُ ذَرَّاتُ هذِهِ الجُزَيْئات؟ إنَّها إذا تآلَفَتْ بَطَريقةٍ أُخْرى، غير التي تتآلَفُ بِها، تَصيرُ غيرَ صالِحَةٍ للحَياةِ. بَلْ تَصيرُ في بَعْضِ الأَحيانِ سُموماً. وقد حسب العالِمُ الانْجليزيُّ: ج . ب . J . سيثر. Seather الطُرُقَ التي يُمكِنُ أَنْ تَتآلَفَ بِها الذَرَّاتُ في أَحَدِ الجُزَيْئاتِ البَسيطَةِ مِنَ البروتيناتِ، فوَجَدَ أَنَّ عدَدَها يَبْلُغُ المَلايين. وعلى ذلك فإنَّهُ مِنَ المُحالِ
عَقْلاً أَنْ تَتآلَفَ كُلُّ هذه المُصادَفاتُ لِكَيْ تَبْني جُزَيْئاً بروتينِيًّاً واحداً.
ولكنَّ البروتيناتِ ليستْ إلاَّ مَوادَّ كِيماويَّةً عَديمَةَ الحياةِ، ولا تَدُبُّ فيها الحياةُ إلاَّ عِنْدَما يَحِلُّ فيها ذلك السِرُّ العَجيبُ، الذي لا نَدْري مِنْ كُنْهِهِ شيئاً، إنَّهُ العقلُ اللانهائيُّ. وهوَ اللهُ وحدَهُ، الذي اسْتَطاعَ أَنْ يُدْرِكَ ببالِغِ حِكْمَتِهِ، أنَّ مِثْلَ هذا الجُزَيْءِ البروتينيِّ يَصْلُحُ لأنْ يَكونَ مُسْتَقَرّاً للحياةِ، فَبَناهُ وصَوَّرَهُ، وأَغْدَقَ عَلَيْهِ سِرَّ الحياةِ).
وفي الكِتابِ نَفْسِهِ يَقولُ الدكتور (إيرفنج وليام، أَخِصّائي في وِرَاثَةِ النَباتاتِ وأُسْتاذُ العلومِ الطَبيعيَّةِ بِجامِعَةِ مِيتْشِجان) في مقال بعنوان: "المادِيَّةُ وحدَها لا تَكْفي":
إنَّ العُلومَ لا تَسْتَطيعُ أَنْ تُفَسِّرَ لَنا كيفَ نَشَأتْ تِلكَ الدَقائقُ الصَغيرةُ المُتَناهِيَةُ في صِغَرِها والتي لا يُحْصيها عَدٌّ، وهي التي تَتَكَوَّنُ مِنْها جَميعُ الموادِّ. كما لا تَسْتَطيعُ العُلومُ أَنْ تُفَسِّرَ لَنا ـ بالاعْتِمادِ على فِكْرَةِ المُصادَفَةِ وحدَها ـ كيفَ تَتَجَمَّعُ هذِهِ الدَّقائقُ الصَغيرةُ لِكيْ تُكَوِّنَ الحياةَ. ولا شَكَّ أنَّ النَظَرِيَّةَ التي تَدَّعي أَنَّ جَميعَ صُوَرِ الحَياةِ الراقِيَةِ قَدْ وَصَلَتْ إلى حالَتِها الراهِنَةِ مِنَ الرُقِيِّ بِسَبَبِ حُدوثِ بعضِ الطَفَراتِ العَشْوائيَّةِ والتَجَمُّعاتِ والهَجائنِ، نقولُ: إنَّ هذهِ النَظَرِيَّةَ لا يُمْكِنُ الأَخْذُ بِها إلاَّ عَنْ طَريقِ التَسْليمِ. فهيَ لا تَقومُ على أَساسِ المَنْطِقِ والإقْناعِ!
وفي الكتابِ نفسِهِ يقول الدكتور "ألبرت ماكومب ونشستر" أُستاذُ عِلْمِ الأَحْياءِ بِجامِعَةِ بايلور، مِنْ مَقالٍ بِعُنْوان، العلومُ تَدعَمُ إيماني بالله:
وقَدِ اشْتَغَلْتُ بدِراسَةِ عِلْمِ الأَحْياءِ. وهُوَ مِنَ المَيادينِ العِلْمِيَّةِ الفَسيحَة ِالتي تَهْتَمُّ بِدراسةِ الحياةِ. وليسَ بيْنَ مَخْلوقاتِ اللهِ أَرْوَعُ مِنَ الأحياءِ التي تَسْكُنُ هذا الكون".
انْظُرْ إلى نَبَاتِ بَرْسيمٍ ضَئيلٍ. وقدْ نَما على أَحَدِ جَوانِبِ الطَريقِ. فهَلْ تَسْتَطيعُ أَنْ تَجِدَ لَهُ نَظيراً في رَوْعَتِهِ بيْنَ جَميعِ ما صَنَعَهُ الإنْسانُ مِنْ تِلكَ العُدَدِ والآلاتِ الرائعةِ؟ إنَّهُ آلةٌ حَيَّةٌ تَقومُ بِصورةٍ دائبةٍ لا تَنْقَطِعُ آناءَ الليلِ وأَطْرافَ النَّهارِ، بآلافٍ مِنَ التَفاعُلاتِ الكيماويَّةِ والطَبيعيَّةِ؛ ويَتِمُّ كلُّ ذلكَ تحتَ سَيْطَرَةِ البروتوبلازم ـ وهو المادَّةُ التي تَدْخُلُ في تَركيبِ جَميعِ الكائناتِ الحَيَّةِ".
فمِنْ أَيْنَ جاءتْ هذِهِ الآلَةُ الحَيَّةُ المُعَقَّدَةُ؟ إنَّ اللهَ لمْ يَصْنَعْها هَكذا وحدَها، ولكنَّهُ خَلَقَ الحياةَ، وجَعَلَها قادرةً على صِيانَةِ نَفسِها، وعلى الاسْتِمرارِ مِنْ جيلٍ إلى جيلِ. مَعَ الاحْتِفاظِ بكلِّ الخَواصِّ والمُمَيِّزات التي تُعينُنا على التَمييزِ بيْنَ نَباتٍ وآخر.
إنَّ دراسةَ التَكاثُرِ في الأَحْياءِ تُعْتَبَرُ أَرْوعَ دراساتِ عِلْمِ الأَحْياءِ، وأَكْثَرُها إظْهاراً لِقُدْرَةِ اللهِ. إنَّ الخَلِيَّةَ التَناسُلِيَّةَ التي يَنْتُجْ عنْها النَباتُ الجَديدُ، تَبْلُغُ مِنَ الصِغَرِ دَرَجَةً كُبْرى بِحيْثُ يَصْعُبُ مُشاهَدَتُها إلاَّ باسْتِخْدامِ المُجُهِرِ المُكَبِّرِ. ومِنَ العَجيبِ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ مِنْ صِفاتِ النَباتِ: كلَّ عِرْقٍ، وكلَّ شُعيْرةٍ، وكلَّ فَرْعٍ على ساقٍ، وكُلَّ جَذْرٍ أَوْ وَرَقَةٍ، يَتمُّ تَكوينُها تَحتَ إشْرافِ مُهَنْدِسينَ قَدْ بَلَغوا مِنْ دِقَّةِ الحَجْمِ مَبْلَغاً كَبيراً، فاسْتَطاعوا العَيْشَ داخِلَ الخَلِيَّةِ التي يَنْشَأُ مِنْها النَّباتُ، تلكَ الفئةُ مِنَ المُهندسين هي فِئةُ الكروموسومات (ناقلات الوراثة).
وقوله: "يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ" فقد قال "يخرج" لأَنَّ لَفْظَ الفِعْلِ يَدُلُّ على أنَّ الفاعِلَ مُعْتَنٍ بالفِعْلِ في كلِّ آنٍ وحينٍ، وأمَّا لَفْظُ اسْمِ الفاعلِ "مُخْرِج" فإنَّه لا يُفيدُ التَجَدُّدَ والاعْتِناءَ بِهِ، وقد ذَكَر ذلك الشيخُ عبدُ القاهِرِ الجُرْجانِيُّ في (دلائلِ الإعْجاز) عند قولِهِ ـ سُبحانَه ـ في سورة فاطر: {هَلْ مِنْ خالقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مّنَ السَّماءِ} الآية: 3. قد ذَكَرَ فيهِ الرِزْقَ بِلَفْظِ الفِعْلِ لأنَّهُ يُفيدُ أَنَّه يَرْزُقُهم حالاً فحالاً وساعةً فَساعةً، وقولُهُ ـ عَزَّ شَأنُه ـ في سورة الكهف: {وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بالوَصِيدِ} الآية: 18. فقد ذَكَرَ فيهِ اسْمَ الفاعل "باسط" لِيُفيدَ البَقاءَ على تلكَ الحَالَةِ، فلَما كانَ الحَيُّ أَشْرَفَ مِنَ المَيِّتِ وَجَبَ أَنْ يَكونَ الإعْتِناءُ بإخْراجِ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ أَكْثَرَ مِنَ الاعْتِناءِ بإخْراجِ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ، فلذلك جاءَ التَعبيرُ عنِ القِسْمِ الأَوَّلِ بِصيغَةِ الفِعْلِ، وعنِ الثاني بِصيغَةِ الاسْمِ تَنْبيهاً على أنَّ الإعْتِناءِ بإيجادِ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ أَكْثَرَ وأَكْمَلَ مِنَ الحالةِ  الأخرى.
قَوْلُهُ: {ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} فَكيفَ ومِنْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ عَنِ الْحَقِّ
والإيمانِ مَعَ مَا تَرَوْنَ مِنْ بَديعِ صُنْعِهِ وكَمالِ قُدْرَتِهِ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ مَعَ قيامِ
البُرهانِ، وقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: فكيفَ تُكَذِّبونَ، وقالَ الحَسَنُ: أَنَّى تُصْرَفونَ. وفيهِ دليلٌ أَيْضاً على صِحَّةِ البَعْثِ بعدَ المَوْتِ لأَنَّ القادرَ على إخْراجِ البَدَنِ مِنَ النُطْفَةِ قادرٌ على إخْراجِهِ مِنَ التُرابِ للحِسابِ.
قولُه تعالى: {فَالِقُ الحَبِّ} يَجوزُ أَنْ تَكونَ الإِضافةُ مَحْضَةً على أَنَّهُ اسْمُ فاعلٍ بمَعنى الماضي لأنَّ ذلك قدْ كانَ، ويَدُلَّ عَليهِ قراءةُ عبدِ اللهِ "فَلَقَ" فِعْلاً ماضياً، ويَجوزُ أَنْ تَكونَ الإِضافةُ غَيْرَ مَحْضَةٍ على أَنَّهُ بمَعنى الحالِ أوِ الاسْتِقْبالِ، وذلك على حِكايةِ الحالِ، فيَكونُ "الحَبِّ" مَجرورَ اللفظِ مَنصوبَ المحلِّ. ومَعْنَى الفَالِقِ "الخَالِقُ والمُوجِدُ والمُبْدِعُ" وإنَّما كان إطلاقُ الفالِقِ على المُوجِدِ باعْتِبارِ أَنَّ العقلَ يَتَصَوَّرُ العَدَمَ ظُلمةً مُتَّصلَةً لا انْفِراجَ فيها ولا انفلاقَ، فمَتى أُوجِدَ الشيءُ تَخَيَّلَ الذِهْنُ أَنَّ ذلك العَدَمَ شُقَّ وفُلِقَ وأُخْرِجَ منه ذلك المُبْدَعُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عُنِيَ بِالْفَلْقِ الشَّقُّ الَّذِي فِي الْحَبِّ وَفِي النَّوَى. والفَلْقُ: الشَقُّ بإبانةِ بعضِهِ مِنْ بَعْضٍ، والفَلَقُ: المطمئنُّ مِنَ الأرضِ بين الرَّبْوَتين، والفَلَقُ مِنْ قولِهِ: {أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} الفَلَق: 1. ما علَّمه لِمُوسى ـ عليه السلام ـ حتّى فَلَقَ بِهِ البَحْرَ. وقيلَ: الصُبْحُ. وقيلَ: هي الأنْهارُ المُشارُ إليها بقولِهِ: {وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَاراً} النمل: 61. والفِلْقُ بالكَسْرِ بمَعنى المَفلوقِ كالنِّكْثِ والنِّقْضِ، ومنه: "سَمِعْتُهُ مِنْ فِلْقٍ مِنْهُ" وقيلَ: الفِلْقُ العَجَبُ، والفَليقُ والفالِقُ ما بين الجبليْنِ، وما بيْنَ السَناميْنِ مِنَ البَعيرِ، وفَسَّر بعضُهم "فالقُ" هُنا بمَعنى خَالقٍ، قِيلَ: ولا يُعرَفُ هَذا لُغَةً، ولا يُلْتَفَتُ إلى هذا القولِ لأنَّ هذا مَنْقولٌ عَنِ ابْنِ عباسٍ والضحّاك أَيْضاً، كما نَقَلَ الفَرّاءُ أنَّ فَطَرَ وخَلَقَ وفَلَقَ في اللُّغةِ بمَعنًى واحِدٍ.
قولُهُ: {يُخْرج} جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها. أو هي في مَوْضِعِ رَفْعٍ خَبَراً ثانياً لِـ "إنَّ".
وقولُهُ: {ومُخْرِج} معطوفٌ على "فالِقُ" أيْ: اللهُ فالقُ ومُخْرِجُ، أَخْبَرَ عنْه بِهذيْن الخَبَريْن، وعليه فـ "يُخْرِجُ" على وجهِهِ، وعلى كونِهِ مُسْتَأْنَفاً يَكونُ مُعتَرِضاً على جِهةِ البَيانِ لِما قَبْلَهُ مِنْ مَعْنى الجُمْلَةِ. أو هو معطوفٌ على "يُخرِجُ"، وثمَّة احتمالانِ مَبْنِيَّانِ على ما تَقَدَّمَ في "يُخْرِجُ" فإنْ قُلْنا إنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ فهو فِعْلٌ غيرُ مُؤَوَّلٍ باسْمٍ، فَيُرَدُّ الاسْمُ إلى مَعنى الفِعلِ، فكأنَّ مُخْرِجاً في قُوَّةِ يُخْرِجُ. وإنْ قُلْنا: إنَّه خَبَرٌ ثانٍ لـ "إنَّ" فهو بِتَأْويلِ اسْمٍ واقعٍ مَوْقِعَ خَبَرٍ ثانٍ، فلِذلك عُطِفَ عليْهِ اسْمٌ صَريحٌ، ومِنْ عَطْفِ الاسْمِ على الفِعْلِ لِكَوْنِ الفِعْلِ بِتَأويلِ اسْمٍ قولُ الشاعر:
فأَلْفَيْتُهُ يوماً يُبيرُ عدوَّهُ .................... ومُجْرٍ عطاءً يَسْتَخِفُّ المَعابرا
وقولُه:
يا رُبَّ بيضاءَ مِنَ العَواهِجِ ..................... أمِّ صبيٍّ قدْ حَبَا أَوْ دارِجِ
وقولُهُ:
باتَ يُغَشِّيها بعَضْبٍ باتِرٍ ...................... يَقْصِدُ في أَسْوُقِها وجائِرُ
أيْ: مُبيراً، أوْ أُمِّ صَبيٍّ حابٍ، وقاصِدٍ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 95
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 7
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 23
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 40
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 57
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 72

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: