روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 44

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  44 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  44 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 44   فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  44 I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 04, 2013 7:29 am

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ. (44)
قوله تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ} أَيْ بَيَانٌ وَضِيَاءٌ وَتَعْرِيفٌ بأَنَّ مُحَمَّدًا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَقٌّ. وبيانٌ لِشَرَفِ التوراةِ قبلَ أنْ تَمْتَدَّ إليْها الأَيْدي الأَثيمةُ بالتَحريفِ والتَبديلِ. والبُرهانُ على شَرَفِها وعُلُوِّ مَقامَها أَنَّ اللهَ هو الذي أَنْزَلَها، وأنَّه ـ سبحانَه وتعالى ـ جعلَها مُشتملةً على الهُدى والنُورِ. والمُرادُ بالهُدى، ما اشْتَمَلَتْ عليْه مِنْ بيانٍ لِلأحكامِ والتَكاليفِ والشرائعِ التي تَهْدي النَّاسَ إلى طَريقِ السَعادةِ. والمُرادُ بالنُورِ: ما اشْتَمَلَتْ عليْه مِنْ بيانٍ للعَقائدِ السَليمةِ، والمَواعِظِ الحَكيمةِ، والأَخْلاقِ القَويمةِ. ففي الآيةِ مْدَحٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى للتَّوْرَاةَ، بأنَّهُا منزلةٌ مِنْ عندهِ ـ جَلَّ وعلا ـ وَبأنَّ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ.
قولُه: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا} قِيلَ: الْمُرَادُ بِالنَّبِيِّينَ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ تعظيمًا لَه. وَقِيلَ: المُرادُ بالنبيين كُلُّ مَنْ بُعِثَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى لإِقَامَةِ التَّوْرَاةِ، وقالتِ الْيَهُودُ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا يَهُودًا. وَقَالَتْ النَّصَارَى: بَلْ كَانُوا نَصَارَى، فَبَيَّنَ اللهُ ـ عَزَّ شأنُه ـ كَذِبَهُمْ. ومعنى "أَسْلَمُوا" أيْ صَدَّقُوا بِالتَّوْرَاةِ مِنْ لَدُنْ مُوسَى إِلَى زَمَانِ عِيسَى ـ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ـ وَبَيْنَهُمَا أَلْفُ نَبِيٍّ، وَيُقَالُ: أَرْبَعَةُ آلَافٍ نَبيٍّ. وَيُقَالُ: أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، كَانُوا جميعًا يَحْكُمُونَ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ. وَقِيلَ: مَعْنَى "أَسْلَمُوا" خَضَعُوا وَانْقَادُوا لِأَمْرِ اللهِ فِيمَا بُعِثُوا بِهِ. وَقِيلَ: أَيْ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِ السلامُ ـ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. ووَصَفَهُم بـ " أَسْلَمُوا" على سبيلِ المَدْحِ والثَناءِ لا على سبيلِ التَفصيلِ، فإنَّ الأنبياءَ كلَّهم مُسْلِمون، وإنَّما أثنى عليهم بذلك كما تَجْري الأوصافُ على أسماءِ اللهِ تعالى، وأُريدَ بها التَعريضُ باليهودِ وأنَّهم بَعيدون مِنْ مِلَّةِ الإِسلامِ الذي هو دينُ الأنبياءِ كلِّهم في القديم والحديثِ، فإنَّ اليهودَ بمعزِلٍ عنها. وَ"لِلَّذِينَ هادُوا" أيْ عَلَى الَّذِينَ هَادُوا فَاللَّامُ هنا بِمَعْنَى "عَلَى". وَقِيلَ: الْمَعْنَى يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وعليْهم، فحذَفَ "عليهم". و"هادُوا" أَيْ تَابُوا مِنَ الْكُفْرِ. وَقِيلَ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، أَيْ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ لِلَّذِينَ هَادُوا يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ، و"الرَّبَّانِيُّون" هُمُ الَّذِينَ يَسُوسُونَ النَّاسَ بِالْعِلْمِ وَيُرَبُّونَهُمْ، وهمُ الْعُلَمَاءُ الْحُكَمَاءُ، وَالْأَحْبَارُ همُ الْفُقَهَاءُ. وقد تقدَّم في "آل عمرانَ" تفصيلٌ في ذلكْ.
قولُهُ: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ} أَيِ اسْتُوْدِعُوا مِنْ عِلْمِهِ. أَيْ يَحْكُمُونَ بِمَا اسْتُحْفِظُوا من كتاب اللهِ (التوراةِ). "وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ" أَيْ عَلَى الْكِتَابِ بأنه مِنْ عِنْدِ اللهِ. وقال ابْنُ عَبَّاسٍ: شُهَدَاءُ عَلَى حُكْمِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ موجودٌ في التَّوْرَاةِ. قولُهُ: {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا} "فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ" أَيْ فِي إِظْهَارِ صِفَةِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بأنَّه نبيٌّ ينطقُ بالحقِّ وَإِظْهَارِ حُكمِ الله الموجودِ في التوراةِ وهو الرَّجْمِ، "وَاخْشَوْنِ" فِي كِتْمَانِ ذَلِكَ، فَالْخِطَابُ ـ إذًا ـ لِعُلَمَاءِ الْيَهُودِ. وَقَدْ يَدْخُلُ في هذا الخطابِ كُلُّ مَنْ كَتَمَ حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِ إظْهارُهُ. "وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا" وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مُسْتَوْفًى في سورةِ البقرة: 41. وللهِ الحَمْدُ والمِنَّةُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ} نَزَلَتْ كُلُّهَا فِي الْكُفَّارِ، ومثلها: {الظَّالِمُونَ} و{الْفاسِقُونَ} ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ ـ وَقَدْ تَقَدَّمَ ـ فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَلَا يَكْفُرُ وَإِنِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً. وَ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ رَدًّا لِلْقُرْآنِ، وَجَحْدًا لِقَوْلِ الرَّسُولِ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ـ فَهُوَ كَافِرٌ، ففِيهِ إِضْمَارٌ، وعَلَيه فالْآيَةُ عَامَّةٌ. وكذلك قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ: هِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالْكُفَّارِ أَيْ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ وَمُسْتَحِلًّا لَهُ، فَأَمَّا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ أَنَّهُ مرتكِبُ مُحَرَّمٍ فَهُوَ مِنْ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَقَدْ فَعَلَ فِعْلًا يُضَاهِي أَفْعَالَ الْكُفَّارِ. وَقِيلَ: أَيْ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِجَمِيعِ مَا أَنْزَلَ اللهُ فَهُوَ كَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ حَكَمَ بِالتَّوْحِيدِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِبَعْضِ الشَّرَائِعِ فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، إِلَّا أَنَّ الشَّعْبِيَّ قَالَ: هِيَ فِي الْيَهُودِ خَاصَّةً، وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، مِنْهَا أَنَّ الْيَهُودَ قَدْ ذُكِرُوا قَبْلَ هَذَا فِي قَوْلِهِ: "لِلَّذِينَ هادُوا"، فَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِمْ، وَمِنْهَا أَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْدَهُ {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ} فَهَذَا الضَّمِيرُ لِلْيَهُودِ بِإِجْمَاعٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْيَهُودَ هُمُ الَّذِينَ أَنْكَرُوا الرَّجْمَ وَالْقِصَاصَ. ولِقَائِلٌ أنْ يقولَ: "مَنْ" إِذَا كَانَتْ لِلْمُجَازَاةِ فَهِيَ عَامَّةٌ إِلَّا أَنْ يَقَعَ دَلِيلٌ على تخصيصِها. والجوابُ: "فَمَنْ" هُنَا بِمَعْنَى الَّذِي مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَالْيَهُودُ الَّذِينَ لَمْ يَحْكُمُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، وهوَ مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا، وَيُرْوَى أَنَّ حُذَيْفَةَ بنَ اليماني ـ رضي اللهُ عنه ـ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَاتِ أَهِيَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ هِيَ فِيهِمْ، وَلَتَسْلُكُنَّ سَبِيلَهُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ. وقال أَبو بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ: "الْكافِرُونَ" لِلْمُسْلِمِينَ، و"الظَّالِمُونَ" لليهود، و"الَفاسِقُونَ" لِلنَّصَارَى، لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْآيَاتِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ أَبِي زَائِدَةَ وابن شبرمة والشعبي أَيْضًا. وقَالَ طَاوُسٌ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عن المِلَّةِ، ولكنَّه كفرٌ دُونَ كُفْرٍ.
وَهَذَا يَخْتَلِفُ إِنْ حَكَمَ بِمَا عِنْدَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، فَهُوَ تَبْدِيلٌ لَهُ يُوجِبُ الْكُفْرَ، وَإِنْ حَكَمَ بِهِ هَوًى وَمَعْصِيَةً فَهُوَ ذَنْبٌ تُدْرِكُهُ الْمَغْفِرَةُ عَلَى أَصْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْغُفْرَانِ لِلْمُذْنِبِينَ. وَمَذْهَبُ الْخَوَارِجِ أَنَّ مَنِ ارْتَشَى وَحَكَمَ بِغَيْرِ حُكْمِ اللهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَعُزِيَ هَذَا إِلَى الْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا: أَخَذَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى الْحُكَّامِ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: أَلَّا يَتَّبِعُوا الْهَوَى، وَأَلَّا يَخْشَوُا النَّاسَ وَيَخْشَوْهُ، وَأَلَّا يَشْتَرُوا بآياتِهِ ثمنًا قليلًا.
قولُهُ تعالى: {إنّا أَنْزَلْنا الكتابَ فيها هدًى} إنا أنزلنا: كلامٌ مُستأنَفٌ سِيقَ لِتَقْريرِ مَزيدٍ مِنْ فظاعةِ حالِ أُولئك اليهودِ. "فِيهَا هُدًى" يَحتمِلُ الوَجْهين المذكورين في قولِه: {وَعِنْدَهُمُ التوراةُ} فـ "هُدَى" مبتدأٌ أو فاعلٌ، والجملةُ حالٌ من التوراة.
وقولُه: {يَحْكُمُ بِهَا} يَجوزُ أنْ تكونَ جُملةً مُتسأنَفَةً، ويجوزُ أنْ تكونَ منصوبةَ المحلِّ على الحال: إمَّا مِنَ الضَميرِ في "فيها" وإمَّا مِنَ التوارة.
وقولُه: {الذين أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ} صفةٌ لـ "النبيون". و"لِلَّذِينَ هَادُواْ" هذهِ اللامُ مُتَعَلِّقَةٌ بـ "يَحْكُمُ" وعلى هذا فمعناها الاختصاصُ، وتَشْمَلُ مَنْ يُحكَمُ لَهُ ومَنْ يُحكَمُ عليه، ولهذا ادَّعى بعضُهم أنَّ في الكلامِ حَذْفاً تقديرُه: "يَحكُم بها النبيُّون للذين هادوا وعليهم" وقد سبق ذِكرُه، قالهُ ابنُ عطيَّةَ وغيرُه. أو هي متعلِّقَةٌ بأَنزلْنا، أي: أَنزلنا التوراةَ للذين هادُوا يحكمُ بها النبيون. أو هي مُتَعَلِّقَةٌ بِـ "هُدى" أي: هُدًى ونورٌ للذينَ هادوا، وهذا فيه فصلٌ بيْن المصدرِ ومعمولِه، وعلى هذا الوجهِ يَجوزُ أنْ يَكونَ "للذين هادوا" صفةً لـ "هدى ونور" أي: هدًى ونُورٌ كائنٌ للذينَ هادوا، وأوَّلُ هذه الأقوالِ هو الأظهرُ وهو المَقصودُ، واللهُ أعلم.
قولُه: {والرَّبانِيُّونَ} عطفٌ على "النبيون" أي: إنَّ الربانِيِّين أيضًا يَحْكُمون بمُقتَضى ما في التوراةِ. وقيل هو مرفوعٌ بفعلٍ محذوفٍ أي: ويحكُمُ الرَّبانيُّونَ والأَحبارُ بما اسْتُحْفِظوا. يَعني أنَّه لَمَّا اخْتَلَفَ مُتَعَلَّقُ الحُكمِ غايَرَ بيْن الفِعْليْن أيْضًا فإنَّ النَّبيِّينَ يَحْكُمُون بالتَوارةِ، والأَحْبارُ والرَّبانِيُّونَ يَحكُمُون بما اسْتَحْفَظَهُمُ اللهُ، وهذا بعيدٌ عَنِ الصَوابِ؛ لأنَّ الذي اسْتَحْفَظَهُمُ اللهُ هو مُقتضى ما في التَوراةِ، فالنَبِيُّونَ والرَّبَّانِيُّون حاكِمونَ بِشيءٍ واحدٍ، فالضميرُ في "اسْتُحْفِظوا" عائدٌ على النَبِيِّينَ فَمَنْ بعدَهم.
قولُه: {بِمَا استحفظوا مِن كِتَابِ الله} بما: بَدَلٌ مِنْ قولِهِ "بها" بإعادةِ العاملِ لِطولِ الفَصْلِ، وهو جائزٌ وإنْ لَمْ يَطُلْ، وإنْ لم يُفْصَلْ أيضًا، ويجوزُ أن يكونَ "بما" مُتَعَلِّقًا بفعلٍ مَحذوفٍ، أي: ويَحكُمُ الرَّبَّانيُّون بما اسْتُحْفِظوا، كما تقدَّم. ويجوزُ أنَّه مفعولٌ بِهِ أي: يَحْكُمون بالتوارةِ بسببِ اسْتِحفاظِهِم ذلك، أيْ بِما سَألَهم أَنْبِياؤهم حِفْظَهُ مِنَ التوراةِ، أي: بِسببِ سؤالِ أَنبيائِهم إياهُم أَنْ يَحفَظُوه مِنَ التَبديلِ والتَغييرِ، وهذا على أنَّ الضَميرَ يَعودُ على الرَّبانِيِّين والأَحبارِ دونِ النَبِيِّينَ، وقُدِّر أنَّ "النبيين" هو الفاعلُ المحذوف، ويَجوزُ أنْ يَعودَ الضميرُ في "استُحْفِظوا" على النَّبِيِّين والرَّبَّانِيِّين والأحْبارِ، وقُدِّرَ الفاعلُ المَنوبُ عنه الله ـ تعالى ـ أي: بما اسْتَحْفَظَهُمُ اللهُ، أي بِما كلَّفَهم حِفْظَه. و" مِن كِتَابِ الله" مِنْ: لبيانِ الجنسِ المبهمِ في "بما" فإنَّ "ما" يَجوزُ أنْ تَكونَ مَوصولَةً اسْمِيَّةً بمَعنى الذي، والعائدُ مَحذوفٌ، أي: بِما اسْتُحْفِظوهُ، ويجوزُ أنْ تَكونَ مَصْدَرِيَّةً أي: بِاسْتِحفاظهم. كما يجوزُ أنْ تَكونَ حالًا إمَّا من "ما" المَوصولَةِ أوْ مِنْ عائدِها المَحذوفِ، وفي هذا الأخيرِ نَظرٌ مِنْ حيثُ المَعنى.
وقولُه: "وكانوا عليه شهداءَ" داخلٌ في حَيِّزِ الصِلَةِ، أي: وبِكونِهم شُهداءَ عليه، أي: رُقَبَاءَ لِئَلَّا يُبَدَّلَ، فـ "عليه" مُتَعَلِّقٌ بـ "شهداء" والضَميرُ في "عليه" يَعودُ على "كتاب الله" وقيلَ: على الرسولِ، أي: شُهَداءَ على نبوتِهِ ورِسالتِه، وقيلَ: على الحُكْمِ، والأوَّلُ هو الأظهَرُ، واللهُ أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 44
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 17
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 33
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 47
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 62
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 79

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: