روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 128

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  128 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  128 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 128   فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  128 I_icon_minitimeالخميس مارس 07, 2013 3:16 am

لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ
عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ
(128)


قولُه
ـ تبارك وتعالى: {
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} أي لستَ تَملُكُ إصلاحَهم ولا تعذيبَهم بل ذلك ملكُ
اللهِ فاصبِرْ. أخرج البخاريُّ ومسْلِمٌ وغيرُهما عن ابنِ عمرَ ـ رضي الله عنهما ـ
قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ يومَ أحُدٍ اللهمَّ الْعنْ أبا
سفيان، اللهمَّ الْعنِ الحارثَ بنَ هِشام، اللهمَّ الْعنْ سهيلَ ابنَ عَمْرٍو،
اللهمَّ الْعنْ صَفوانَ بنَ أميَّةَ فنَزلت هذه الآية،
والمعنى أنَّه ـ سبحانه ـ قد استأثر
بِسَتْرِ عبادِه في حُكْمِه فقال: أنا الذي أتوبُ على مَنْ أشاءُ مِن عبادي وأُعذِّبُ
مَنْ أشاء، والعواقبُ عليك مستورةٌ، وإنَّك ـ يا محمَّد ـ لا تَدري سِرّي فيهم.



ثَبَتَ
فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ، فجَعَلَ يَسْلُبُ
الدَّمَ عَنْهُ وَيَقُولُ: ((كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا رَأْسَ نَبِيِّهِمْ
وَكَسَرُوا رَبَاعِيَّتَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى))
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}. وقال الضَّحَّاكُ: هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى: "
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ". وَقِيلَ: اسْتَأْذَنَ فِي أَنْ يَدْعُوَ فِي
اسْتِئْصَالِهِمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلِمَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ
سَيُسْلِمُ وَقَدْ آمَنَ كَثِيرٌ، مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَمْرُو
بْنُ الْعَاصِ وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَغَيْرُهُمْ. وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابن عامرٍ قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَدْعُو عَلَى أَرْبَعَةِ نَفَرٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ
شَيْءٌ
" فَهَدَاهُمُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ. وَقَالَ:
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ.



قال
العلماء: قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ
شَجُّوا رَأْسَ نَبِيِّهِمْ)) اسْتِبْعَادٌ لِتَوْفِيقِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ" تَقْرِيبٌ لِمَا اسْتَبْعَدَهُ وَإِطْمَاعٌ فِي
إِسْلَامِهِمْ، وَلَمَّا أُطْمِعَ فِي ذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) كَمَا
فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ
الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ
وَيَقُولُ: ((رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْلَا يَعْلَمُونَ)). قَالَ العُلَمَاء:
فَالْحَاكِي فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هُوَ الرَّسُولُ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْهُ، بِدَلِيلٍ مَا قَدْ جَاءَ صَرِيحًا مُبَيَّنًا
أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُجَّ
وَجْهُهُ يَوْمَ أُحُدٍ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ شَقًّا شَدِيدًا
وَقَالُوا: لَوْ دَعَوْتَ عَلَيْهِمْ! فَقَالَ: ((إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا
وَلَكِنِّي بُعِثْتُ دَاعِيًا وَرَحْمَةً، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي
فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)). فَكَأَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ قَبْلَ
وُقُوعِ قَضِيَّةِ أُحُدٍ، وَلَمْ يُعْلِنْه، فَلَمَّا وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ
تَعَيَّنَ أَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا. ويُبيِّنُه أَيْضًا مَا
قَالَهُ عُمَرُ لَهُ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ
اللَّهِ! لَقَدْ دَعَا نُوحٌ عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى
الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً} نوح: 26. الْآيَةَ. وَلَوْ دَعَوْتَ
عَلَيْنَا مِثْلَهَا لَهَلَكْنَا مِنْ عِنْدِ آخِرِنَا، فَقَدْ وُطِئَ ظَهْرُكَ
وَأُدْمِيَ وَجْهُكَ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُكَ فَأَبَيْتَ أَنْ تَقُولَ إِلَّا
خَيْرًا، فَقُلْتَ: ((رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)). وَقَوْلُهُ:
((اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ كَسَرُوا رَبَاعِيَةَ نَبِيِّهِمْ)).
يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُبَاشِرَ لِذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا اسْمَهُ عَلَى
اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قلْنا إنَّه خصوصيٌّ فِي الْمُبَاشِرِ،
لِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ شَهِدَ أُحُدًا وَحَسُنَ



إِسْلَامُهُمْ.



زَعَمَ
بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِلْقُنُوتِ الَّذِي كَانَ
النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَفْعَلُهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ
فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الصُّبْحِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي صَلَاةِ
الْفَجْرَ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا
وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا
وَفُلَانًا)) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ
شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ
" الْآيَةَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ،
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَتَمَّ مِنْهُ.
وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ نَسْخٍ وَإِنَّمَا نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى
نَبِيِّهِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنَ
الْغَيْبِ شَيْئًا إِلَّا مَا أَعْلَمَهُ، وَأَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ
يَتُوبُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَيُعَجِّلُ الْعُقُوبَةَ لِمَنْ يَشَاءُ. وَالتَّقْدِيرُ:
لَيْسَ لَكَ من الأمرِ شيءٌ ولله ما في السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ دُونَكَ
وَدُونَهُمْ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَتُوبُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ. فَلَا نَسْخَ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ: "
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ" أَنَّ الْأُمُورَ كلَّها بِقَضَاءِ اللَّهِ
وَقَدَرِهِ.



وَاخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ فِي الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا، فَمَنَعَ
الْكُوفِيُّونَ مِنْهُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا. وَهُوَ مَذْهَبُ اللَّيْثِ وَيَحْيَى
بْنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ الْأَنْدَلُسِيِّ صَاحِبِ مَالِكٍ، وَأَنْكَرَهُ
الشَّعْبِيُّ. وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَقنُتُ
في شيء مِنَ الصَّلَاةِ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ
عن أبيه، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ـ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَصَلَّيْتُ
خَلْفَ عُمَرَ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْنُتْ
وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقْنُتْ، ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا
بِدْعَةٌ. وَقِيلَ: يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ دَائِمًا وَفِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ
إِذَا نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ.
وَقِيلَ: هُوَ مُسْتَحَبٌّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَسَحْنُونٌ: إِنَّهُ سُنَّةٌ. وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ
عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ بِإِعَادَةِ تَارِكِهِ عَمْدًا لِلصَّلَاةِ.
وَحَكَى الطَّبَرِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّلَاةِ.
وَعَنِ الْحَسَنِ: فِي تَرْكِهِ سُجُودَ السَّهْوِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ
الشَّافِعِيِّ. وَذَكَرَ الدارقطني عن سعيدٍ ابنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَنْ
نَسِيَ الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ.
وَاخْتَارَ مَالِكٌ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ. وَرُوِيَ أَيْضًا
عَنْ مَالِكٍ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَرُوِيَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ،
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَيْضًا. وَرَوَى عَنْ
جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ التَّخْيِيرَ فِي ذَلِكَ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ
بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى فَارَقَ
الدُّنْيَا. وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي
عِمْرَانَ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَدْعُو
على مُضَرٍ إذْ جاءه جبريلُ فأومأ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ فَسَكَتَ، فَقَالَ: (يَا
مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْكَ سَبَّابًا وَلَا لَعَّانًا وَإِنَّمَا
بَعَثَكَ رَحْمَةً وَلَمْ يَبْعَثْكَ عَذَابًا، لَيْسَ لكَ مِنَ الأمرِ شيءٌ أَوْ
يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) قَالَ: ثُمَّ
عَلَّمَهُ هَذَا الْقُنُوتَ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ
وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْنَعُ لَكَ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ
اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى
وَنَحْفِدُ وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ الْجَدَّ إِنَّ عَذَابَكَ
بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ).



قوله
تعالى: {
أَوْ
يَتُوبَ
} في نصبِه أوجهٌ، أحدُها: أنَّه معطوفٌ على الأفعالِ
المنصوبةِ قبلَه تقديرُه: "ليقطعَ أو يكبِتَهم أو يتوبَ عليهم أو يعذِّبَهم"،
وعلى هذا يكونُ قولُه: "
ليس لك من الأمرِ شيءٌ"
جملةً اعتراضيَّةً بيْن المُتعاطِفَيْنِ، والمعنى: أنَّ اللهَ تعالى هو المالِكُ
لأمرهم، فإنْ شاء قطعَ طَرَفاً منهم أو هَزَمَهم، أو يتوبَ عليهم إن أسْلَموا ورَجَعوا،
أو يُعذِّبَهم إن تَمَادَوْا على كفرهم، وإلى هذا التخريجِ ذهب جماعةٌ مِنَ النُّحاةِ
كالفَرَّاءِ والزَّجَّاجِ.



والثاني:
أنَّ "
أو" هنا بمعنى "إلاَّ أَنْ" كقولِهم: "لألزَمَنَّك
أو تقضِيَني



حَقّي"
أي: إلاَّ أَنْ تقضيني حقي.



الثالث:
أنّ "
أو" بمعنى "حتى" أي: ليس لك منَ الأمرِ شيءٌ
حتَّى يتوبَ. وعلى هذين القولين فالكلامُ متصلٌ بقولِه: "
ليس لك من الأمر شيء" والمعنى:
ليس لك من الأمر شيءٌ إلاَّ أَنْ يتوب عليهم بالإِسلامِ فيحصُل لك سرورٌ
بهدايتِهم إليه أو يُعذِّبَهم بقتلٍ أو نارٍ في الآخرةِ. فيتَشَفَّى بهم. ومِمَّنْ
ذهب إلى ذلك الفراء وأبو بكر ابن الأنباري. قال الفراء: ومثلُ هذا الكلامِ: "لأُذَمَّنَّك
أو تَعطيَني" على معنى: إلَّا أَنْ تعطيَني، وحتّى تعطيَني. وأنشد ابنُ
الأنباري في ذلك قولَ امرئ القيس:



فقلتُ له لاَ تبْكِ عينُك إنَّما ..............
تحاولُ مُلْكَاً أو تموتَ فَتُعْذَرا



أراد:
حتّى تموتَ، أو: إلاَّ أن تموتَ" وفي تقديره بيتَ امرئ القيس بـ "حتّى"
نظرٌ، إذ ليس المعنى عليه؛ لأنَّه لم يفعلْ ذلك لأجلِ هذه الغايةِ والنحويّون لم يُقدِّروه
إلّا بمعنى "إلاَّ".



الرابعُ:
أنَّه منصوبٌ بإضمارِ "أَنْ" عطفاً على قولِه: "
الأمر" كأنَّه قيل: "ليس لك من الأمرِ أو من تَوْبته
عليهم أو تعذيبِهم شيءٌ"، فلمَّا كان في تأويلِ الاسْم عُطِفَ على الاسْمِ قبلَه
فهو من باب قولِ الحصين بن حمام المرّي:



ولولا رجالٌ من رِزامٍ أعِزَّةً ...................
وآلُ سُبَيْعٍ أو أَسُوْءَكَ علقما



وقول ميسون بنت بحدل:


لَلُبْسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني ....................
أَحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفوف



الخامس:
أنَّه معطوفٌ بالتأويلِ المَذكورِ على "
شيء"
والتقديرُ: ليس لك من الأمرِ مِنْ شيءٍ أو توبةُ اللهِ عليهم أو تعذيبُهم أي: ليس
لك أيضاً توبتُهم ولا تعذيبُهم، إنَّما ذلك راجعٌ إلى الله تعالى.



وقرأ
أُبَيٌّ: "أو يتوبُ، أو يعذِّبُهم" برفعِهِما على الاستئنافِ في جملةٍ
اسميةٍ أُضْمِرَ مبتدَؤُها أي: أو هو يتوبُ ويعذِّبُهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 128
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: