روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 118

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  118 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  118 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 118   فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  118 I_icon_minitimeالسبت مارس 02, 2013 6:28 pm

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا
بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ
بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ
بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ
(118)


قولُه:
ـ تبارك وتعالى: {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا
بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ
} أَكَّدَ
اللَّهُ تَعَالَى الزَّجْرَ عَنِ الرُّكُونِ إِلَى الْكُفَّارِ. وَهُوَ مُتَّصِلٌ
بِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ} آل عمران: 100. وَالْبِطَانَةُ مَصْدَرٌ، يُسَمَّى بِهِ الْوَاحِدُ
وَالْجَمْعُ. وَبِطَانَةُ الرَّجُلِ خَاصَّتُهُ الَّذِينَ يَسْتَبْطِنُونَ
أَمْرَهُ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّهْرِ. وَبَطَنَ
فُلَانٌ بِفُلَانٍ يَبْطُنُ بُطُونًا وَبِطَانَةً إِذَا كَانَ خَاصًّا بِهِ. قَالَ
الشَّاعِرُ:



أُولَئِكَ خُلَصَائِي نَعَمْ
وَبِطَانَتِي ............. وَهُمْ عَيْبَتِي مِنْ دُونِ كُلِّ قَرِيبِ



فقد نَهَى
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنَ
الْكُفَّارِ وَالْيَهُودِ وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ دُخَلَاءَ وَوُلَجَاءَ، يُفَاوِضُونَهُمْ
فِي الْآرَاءِ، وَيُسْنِدُونَ إِلَيْهِمْ أُمُورَهُمْ. وَيُقَالُ: كُلُّ مَنْ
كَانَ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِكَ وَدِينِكَ فَلَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُحَادِثَهُ،
قَالَ الشَّاعِرُ عدي بن زيد:



عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ
وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ .......... فكل قرين بالمقارن يقتدي



وَفِي
سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ((الْمَرْءُ
عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ)). وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِإِخْوَانِهِمْ. ثُمَّ
بَيَّنَ تَعَالَى الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نَهَى عَنِ الْمُوَاصَلَةِ
فَقَالَ: "
لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا" يَقُولُ فَسَادًا. يَعْنِي لَا يَتْرُكُونَ
الْجَهْدَ فِي فَسَادِكُمْ، يَعْنِي أَنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي
الظَّاهِرِ فَإِنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ الْجَهْدَ فِي الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ،
عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: "
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لَا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا
" قَالَ: (هُمُ الْخَوَارِجُ). وَرُوِيَ أَنَّ
أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ اسْتَكْتَبَ ذِمِّيًّا فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ
يُعَنِّفُهُ وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ. وَقَدِمَ أَبُو مُوسَى
الْأَشْعَرِيُّ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِحِسَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى
عُمَرَ فَأَعْجَبَهُ، وَجَاءَ عُمَرَ كِتَابٌ فَقَالَ لِأَبِي مُوسَى: أَيْنَ
كَاتِبُكَ يَقْرَأُ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى النَّاسِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ لَا
يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ. فَقَالَ لِمَ! أَجُنُبٌ هُوَ؟ قَالَ: إِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ،
فَانْتَهَرَهُ وَقَالَ: لَا تُدْنِهِمْ وَقَدْ أَقْصَاهُمُ اللَّهُ، وَلَا
تُكْرِمْهُمْ وَقَدْ أَهَانَهُمُ اللَّهُ، وَلَا تَأْمَنْهُمْ وَقَدْ خَوَّنَهُمُ
اللَّهُ. وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَا تَسْتَعْمِلُوا أَهْلَ
الْكِتَابِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الرِّشَا، وَاسْتَعِينُوا عَلَى
أُمُورِكُمْ وَعَلَى رَعِيَّتِكُمْ بِالَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى.
وَقِيلَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ هَاهُنَا رَجُلًا مِنْ نَصَارَى
الْحِيرَةِ لَا أَحَدَ أَكْتَبُ مِنْهُ وَلَا أَخَطُّ بِقَلَمٍ أَفَلَا يَكْتُبُ
عَنْكَ؟ فَقَالَ: لَا آخُذُ «3» بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَا
يَجُوزُ اسْتِكْتَابُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ
تَصَرُّفَاتِهِمْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالِاسْتِنَابَةِ إِلَيْهِمْ. رَوَى
الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ((مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ
مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ
عَلَيْهِ فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى)) «4». وَرَوَى أَنَسُ بْنُ
مَالِكٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا
تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ
غَرِيبًا)). فَسَّرَهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الحسن فقال: أراد ـ عليه الصلاةُ والسلامُ
ـ لا تستشيروا المُشركين في شيءٍ مِنْ أُمُورِكُمْ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي
خَوَاتِيمِكُمْ مُحَمَّدًا. قَالَ الْحَسَنُ: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: "
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا
بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ
"
الْآيَةَ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
مِنْ
دُونِكُمْ
لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا} أَيْ مِنْ سِوَاكُمْ. وَقِيلَ: "مِنْ دُونِكُمْ" يَعْنِي فِي السَّيْرِ وَحُسْنِ الْمَذْهَبِ.
وَمَعْنَى "
لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا" لَا يُقَصِّرُونَ فِيمَا فِيهِ الْفَسَادُ
عَلَيْكُمْ. يُقَالُ: لَا آلُو جَهْدًا أَيْ لَا أُقَصِّرُ. وَأَلَوْتُ أَلْوًا
قَصَّرْتُ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:



وَمَا الْمَرْءُ مَا دَامَتْ حُشَاشَةُ نَفْسِهِ ......
بِمُدْرِكِ أَطْرَافِ الْخُطُوبِ وَلَا آلِ



وَقَدْ
يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَبْدَانِ وَالْعُقُولِ. وَفِي الْحَدِيثِ: ((مَنْ



أُصِيبَ
بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ)) أَيْ جُرْحٍ يُفْسِدُ الْعُضْوَ. وَالْخَبْلُ: فَسَادُ
الْأَعْضَاءِ، وَرَجُلٌ خَبْلٌ وَمُخْتَبَلٌ، وَخَبَلَهُ الْحُبُّ أَيْ أَفْسَدَهُ.
قَالَ أَوْسٌ بن حجر:



أَبَنِي لُبَيْنَى لَسْتُمْ بِيَدٍ .............................
إِلَّا يَدًا مَخْبُولَةَ الْعَضُدِ



أَيْ
فَاسِدَةَ الْعَضُدِ. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:



نَظَرَ ابْنُ سَعْدٍ نَظْرَةً وَبَّتْ بِهَا ..............
كَانَتْ لصحبك والمطي خبالا



أي فساداً.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
قَدْ
بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ
}
يَعْنِي ظَهَرَتِ الْعَدَاوَةُ وَالتَّكْذِيبُ لَكُمْ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ.
وَالْبَغْضَاءُ: الْبُغْضُ، وَهُوَ ضِدُّ الْحُبِّ. وَالْبَغْضَاءُ مَصْدَرٌ
مُؤَنَّثٌ. وَخَصَّ تَعَالَى الْأَفْوَاهَ بِالذِّكْرِ دُونَ الْأَلْسِنَةِ
إِشَارَةً إِلَى تَشَدُّقِهِمْ وَثَرْثَرَتِهِمْ فِي أَقْوَالِهِمْ هَذِهِ، فَهُمْ
فَوْقَ الْمُتَسَتِّرِ الَّذِي تَبْدُو الْبَغْضَاءُ فِي عَيْنَيْهِ. وَمِنْ هَذَا
الْمَعْنَى نَهْيُهُ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ ـ أَنْ يَشْتَحِيَ الرَّجُلُ
فَاهُ فِي عِرْضِ أَخِيهِ. مَعْنَاهُ أَنْ يَفْتَحَ، يُقَالُ: شَحَى الْحِمَارُ
فَاهُ بِالنَّهِيقِ، وَشَحَى الْفَمُ نَفْسَهُ. وَشَحَى اللِّجَامُ فَمَ الْفَرَسِ
شَحْيًا، وَجَاءَتِ الْخَيْلُ شَوَاحِيَ: فَاتِحَاتٍ أَفْوَاهَهَا. وَلَا يُفْهَمُ
مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلُ خِطَابٍ عَلَى الْجَوَازِ فَيَأْخُذُ أَحَدٌ فِي
عِرْضِ أَخِيهِ هَمْسًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ بِاتِّفَاقٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
وَفِي التنزيل {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} الحجرات: 12. الْآيَةَ. وَقَالَ
ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ
وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ)). فَذِكْرُ الشَّحْوِ إِنَّمَا هُوَ
إِشَارَةٌ إِلَى التَّشَدُّقِ وَالِانْبِسَاطِ.



وَفِي
هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ لَا
يَجُوزُ، وَبِذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ، وَرُوِيَ
عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُ ذَلِكَ. وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ عَنِ ابْنِ
شَعْبَانَ أَنَّهُ قَالَ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ
شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عدوه في شيءٍ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا، وَالْعَدَاوَةُ
تُزِيلُ الْعَدَالَةَ فَكَيْفَ بِعَدَاوَةِ كَافِرٍ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
وَما
تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ
}
إِخْبَارٌ وَإِعْلَامٌ بِأَنَّهُمْ يُبْطِنُونَ مِنَ الْبَغْضَاءِ أَكْثَرَ مِمَّا
يُظْهِرُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: "قَدْ
بَدَأَ الْبَغْضَاءُ" بِتَذْكِيرِ الفعل، لما كانت البغضاء بمعنى البغض.



قوله
تعالى: {
من
دُونِكُمْ
} يَجوزُ أنْ يكون صفةً لـ "بِطانة" فيتعلَّقَ بمحذوف، أي: كائنةً من غيركم. وقدَّره
الزمخشري: من غيرِ أبناء جنسكم، وهم المسلمون، ويجوزُ أَنْ يتعلَّق بفعل النهي.
وجَوزَّ بعضُهم أن تكون "
مِنْ"
زائدةً، والمعنى: دونَكم في العمل والإِيمان.



قولُه:
{
لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} يقال: أَلاَ في الأمر يَأْلُو فيه أي: قَصَّر نحو: غزا
يغزو، فأصلُه أن يتعدَّى بحرف الجر كما ترى.



واختُلِف
في نصب "
خَبالاً" على أوجهٍ. أحدُها: أنَّه مفعولٌ ثانٍ. والضميرُ
هو الأوَّل، وإنَّما تَعَدَّى لاثنين للتضمين. قال الزمخشري: يُقالُ: ألا في الأمر
يَأْلُو فيه أي: قَصَّر، ثم استُعْمِل مُعَدَّىً إلى مفعولين في قولهم: لا آلوك
نُصْحاً ولا ألوك جُهْداً. على التضمين، والمعنى: لا أمنعُك نُصْحاً ولا
أَنْقُصُكه. الثاني: أنه منصوبٌ على إسقاط حرفِ الجر، والأصل: لا يألونكم في خَبال
أي: في تخبيلكم وهذا غيرُ منقاسٍ، بخلافِ التضمين فإنَّه منقاسٌ، وإنْ كان فيه
خلافٌ واهٍ. الثالث: أن ينتصبَ على التمييز، وهو حينئذٍ تمييز منقولٌ من المفعوليَّة،
والأصلُ: لا يَألون خبالكم أي: في خبالكم: ثمَّ جُعِل الضميرُ المضاف إليه مفعولاً
بعد إسقاط الخافض، فنُصِبَ "الخبال" الذي كان مضافاً تمييزاً، ومثله
قولُه تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً} القمر: 12. أي: "عيون الأرضِ"
فَفُعلِ به ما تقدَّم، ومثلُه في الفاعلية: {واشتعل الرأس شَيْباً} مريم: 4. الأصل:
"شيبُ الرأس"، وهذا عند مَنْ يُثْبت كونَ التمييز منقولاً من
المفعوليةِ. وقد مَنَعَه بعضُهم، وتأوَّل قولَه تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأرض
عُيُوناً} على أنَّ "عيوناً" بدلُ بعضٍ من كلٍّ، وفيه حَذْفُ العائدِ
أي: عيوناً منها. وعلى هذا التخريجِ يجوزُ أَنْ يكونَ "
خبالاً" بدلَ اشتمالٍ من "كم"، والضميرُ أيضاً
محذوفٌ أي : "خبالاً منكم" وهذا وجهٌ رابعٌ. والخامس: أنَّه مصدرٌ في
موضِعِ الحال أي: مُتَخَبِّلين. السادس: قال ابنُ عطيَّة: معناه : لا يُقَصِّرون لكم
فيما فيه من الفسادِ عليكم، فعلى هذا الذي قَدَّره يكونُ المضمَرُ و"
خبالاً" منصوبين على إسقاطِ الخافض وهو اللام و "في".


وهذه
الجملةُ فيها ثلاثةُ أوجه. أحدُها: أنَّها استئنافيَّةٌ لا محلَّ لها من الإِعْراب،
وإنَّما جيءَ بها وبالجُمَلِ التي بعدَها لبيانِ حالِ الطائفةِ الكافرة حتى يَنْفِروا
منها فلا يتخذوها بِطانةً، وهو وجهٌ حَسَنٌ.
والثاني: أنَّها
حالٌ من الضمير المُستكنِّ في "مِنْ دونكم" على أنَّ الجارَّ صفةٌ لـ "بطانة". والثالث: أنها
في محلِّ نصبٍ نعتاً لـ "بطانة"
أيضاً. والأَلْوُ بِزِنَةِ "الغَزْو"
التقصيرُ كما تقدَّم، قال زهير:



سَعَى بعدَهم قومٌ لكي يُدْرِكوهمُ
.......... فلم يَفْعَلوا ولم يُلِيموا ولم يَأْلُوا



وقال امرؤ القيس:


وما المرءُ ما دَامَتْ حُشاشَةُ
نفسِه ....... بمُدْرِكِ أَطْرافِ الخطوبِ ولا آلِ



يقال: آلَى يُؤْلِي بزنة "أَكْرم"، فأُبْدِلَتِ الهمزةُ الثانية
ألفاً، وأنشدوا:



وإنَّ كَنائِني لَنِساءُ صِدْق. .
. ..... . . . . . ... فما آلَى بَنِيَّ ولا أساؤوا



ويقال: ائتلَى يَأْتَلي بزنة "اكتسب" يكتسب، قال امرؤ القيس:


ألا رُبَّ خصمٍ فيكِ أَلْوى
رَدَدْتُه ........... نصيحٍ على تَعْذالِه غيرُ مُؤْتَلِ



فتيحدُ لفظُ "آلى"
بمعنى قصَّر و"آلى" بمعنى حَلَف، وإنْ كان الفرقُ بينهما ثابتاً من حيث
المادةُ؛ لأنَّ لامَه من معنى الحَلْف ياء، ومِنْ معنى التقصير واو. وقال الراغب: "وأَلَوْتُ
فلاناً أي: أوْلَيْتُه تقصيراً نحو: كسبته أي: أوليته كَسْباً وما أَلَوْتُه
جُهْداً أي: ما أَوْلَيْتُه تقصيراً بحسَبِ الجُهْد، فقولُك: "جُهْداً"
تمييز. وقوله: {لاَ
يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً
} منه، أي: لا يُقَصِّرون في طلبِ الخَبَال. وقال
تعالى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الفضل} النور: 22. قيل: هو يفتعل من أَلَوْت، وقيل: هو من آليت أي:
حَلَفْتُ.



والخَبالُ:
الفسادُ، وأصلُه ما يلحَقُ الحيوانَ من مرضٍ وفتورٍ فيورِثُه فساداً واضطراباً،
يقال منه: خَبَله وخَبَّله بالتخفيف والتشديدِ فهو خابلٌ ومُخْبَلٌ ومَخْبول
ومُخَبَّل. ويقال: خَبْل وخَبَل وخَبال. وفي الحديث: ((مَنْ شربَ الخمرَ ثلاثاً
كان حقّاً على اللهِ أنْ يَسْقِيَه مِن طينه الخَبالَ)). وقال زهير ابن أبي سلمى:



هنالِكَ إنْ يُسْتَخْبَلوا المالَ يُخْبِلوا ... وإنْ
يَسْأَلوا يُعْطُوا وإنْ يَيْسِروا يُغْلُوا
والمعنى في
هذا البيت: أنهم إذا طُلِب منهم إفسادُ شيءٍ من إِبلِهم أفسدوه، وهذا كنايةٌ عن
كرمِهم.



قوله: {وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ} في
هذه الجملة ثلاثة أوجه، أَوْجَهُها: أن



تكونَ مستأنَفَةً
كما هو الظاهرُ فيما قبلها. والثاني: أنَّها نعتٌ لـ "بِطانة" فمحَلُّها
نصبٌ. والثالث: أنَّها حالٌ من الضمير في "يأْلونكم". و"ما" مصدريَّةٌ، و"عَنِتُّم"
صِلَتُها، وهي وصِلَتُها مفعولُ الوَدادة أي: عَنَتُكم أي: مَقْتكُم. وقد تقدَّم
اشتقاقُ هذه اللفظةِ في البقرةِ عند قوله: {لأَعْنَتَكُمْ} البقرة: 220. وقال الراغب هنا: "المعاندَةُ
والمعانَتَهُ يتقاربان، لكنَّ المعاندة هي الممانعة، والمعانتةُ أَنْ يَتَحَرَّى
مع الممانَعَةِ المَشَقَّةُ.



قوله: {قَدْ بَدَتِ البغضاء} هذه
الجملةُ كالتي قبلها، وقرأ عبد الله: "بدا" من غيرِ تاءٍ، لأنَّ الفاعلَ مؤنَّثٌ مَجازيٌّ
ولأنَّها في معنى البغض. والبغضاء مصدرٌ كالسَرَّاءِ والضَرَّاء. يقال منه: بَغُض
الرجل فهو بغيض كظَرُفَ فهو ظريف.



وقوله: {مِنْ أَفْوَاهِهِم} متعلِّقٌ
بـ "بَدَتْ"
و"مِنْ"
لابتداء الغاية. ويجوز أن تكونَ حالاً أي: خارجةً من أفواههم. والأَفْواه: جمعُ
فم، وأصلُه: فوه، فلامُه هاء، يَدُلُّ على ذلك جَمْعُه على "أفواه"، وتصغيرُه على "فُوَيْه"،
والنسبُ إليه على فَوْهِيّ، وهل وزنُه فَعْل بسكون العين أو فعَل بفتحِها؟. خلافٌ للنحويين،
وإذا عَرَفْتَ ذلك فاعلَمْ أنهم حَذَفوا لامَه تخفيفاً فبقي آخرُه حرف علة
فأَبْدَلوها ميماً لقُربها منها لأنهما من الشَّفَة، وفي الميم هَوِيٌّ في الفم يضارع
المدَّ الذي في الواو، هذا كلُّه إذا أفردوه عن الإِضافةِ، فإنْ أضافوه لم
يُبْدِلوا حرفَ العلة كقول علقمة بن عبدة يصف الظّليمَ (ذكر النعام):



فُوهُ كشَقِّ العَصَا لأْياً تَبَيَّنُهُ ...........
أَسَكُّ ما يَسْمَعُ الأَصْوَاتَ مَصْلومُ



وقد عُكِس الأمرُ في الطرفين، فَأَتى بالميمِ في الإِضافةِ وبحرفِ العلةِ
في القطعِ عنها، فمِنَ الأولِ قولُ رؤبةَ بنِ العجّاج:



كالحوتِ لا يَرويه شيءٌ يَلْهَمُهْ
............ يُصبح ظمآنَ وفي البحرِ فمُهْ



وخَصَّه
الفارسي وجماعةٌ بالضرورةِ، وغيرُهم جَوَّزه سَعَةً، وجَعَل منه قولَه عليه الصلاةُ
والسلامُ: ((لَخُلوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عند اللهِ مِنْ ريحِ المِسْكِ))، ومِن الثاني
قول العجّاج:



خالَطَ مِنْ سَلْمى خياشيمَ وفَا
................ صهباء خرطوماً عقاراً قرقفا



أي: "وفاها"،
وإنَّما جازَ ذلك لأنَّ الإِضافةَ كالمَنطوقِ بها، وقالتِ العربُ: "رَجُلٌ
مُفَوَّه" إذا كان يُجيد القولَ، وهو أَفْوَهُ منه أي: أوسع فماً، وقال لبيد:



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... وما فاهوا به أبداً مُقميمُ


وفي الفم تسع لغات،
وله أربعُ مواد: ف وه، ف م و، ف م ي، ف م م، بدليل أفواه وفَمَوَيْن وفَمَيَيْن
وأفمام.



قوله: {وَمَا تُخْفِي} يجوزُ أَنْ
تكونَ بمعنى الذي والعائدُ محذوفٌ أي: تُخْفيه، فَحُذِف، وأَنْ تكونَ المصدريةَ أي:
وإخفاءُ صدروهم، وعلى كِلا التقديرين فـ "ما" مبتدأٌ، و"أكبرُ" خبرُه، والمفضَّلُ عليه محذوفٌ أي: أكبرُ
من الذي أَبْدَوه بأفواهِهم.



قوله: {إِنْ كُنْتُمْ} شرطٌ حُذِفَ
جوابُه لدلالةِ ما تقدَّم عليه، أو هو ما



تقدَّم عند مَنْ يرى
جوازَه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 118
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: